Friday, April 13, 2007

آخرة الخدمة مع الزعيم!

بقلم : أحمــد عـز الديـن

عمل أنور إبراهيم 17 عاماً مع رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، وحين اختلفا لم يتورع الزعيم عن إقالته، وتحوَّل أنور إبراهيم ـ نائب رئيس الوزراء، ووزير المالية، ونائب رئيس الحزب الحاكم ـ إلى راسبوتين ماليزيا، واتُهِم بالخيانة العظمى.. كيف؟! اسألوا السياسة ومهاتيرها.

العلاقة بين مهاتير ونائبه السابق أنور إبراهيم قريبة من العلاقة بين جاريهما في إندونيسيا سوهارتو ونائبه حبيبي، والتي كانت أشبه بعلاقة الوالد بابنه، الفارق أن حبيبي بقي «صابراً» حتى اضطرت الأزمة الاقتصادية سوهارتو إلى الاستقالة، أما في ماليزيا فقد اضطرت الأزمة نفسها أنور إبراهيم إلى إظهار خلافه مع رئيسه، فقرر هذا إقالته.

يقول أنور إبراهيم: (إن ماليزيا تواجه متاعب عميقة في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، وفي مسألة المواطنة، وأن الأزمة الاقتصادية هي نتاج فشلنا في إعداد أنفسنا لعالم متغير، نحن نعيش عصر العولمة.. نعيش وسط الانفجار المعلوماتي، ولكي نواجه التحديات التي تصاحب هذه المتغيرات، لابد أيضاً من أن نتغيَّر.. وهذا وقت الإصلاح.. ليس الإصلاح الذي يأتي من صندوق النقد، أو من بلد أجنبي، ولكن التغيير الذي يناسب ترابنا.. المسألة تكمن في العدالة، وعلينا أن نحارب الظلــــم)، وهو يستشهد بقول سـيدنا شــعيب ـ عليه الســـلام ـ: {إنً أٍرٌيـدٍ إلاَّ الإصًلاحّ مّا \سًتّطّعًتٍ}.

لكن إذا اختلفت مع الزعيم فالنوايا الحسنة لا تفيد، والكلام الجميل لا يجد من يريد أن يسمعه، فالمهم السمع والطاعة.

وإذا كانت ماليزيا قد حققت ـ في السابق ـ طفرةً اقتصادية، فإنها لاتزال (بلداً آسيوياً متخلفاً) من الناحية السياسية، ومظهر تخلفها السياسي أن الخلاف مع الزعيم يعني ليس فقط القضاء على المستقبل السياسي للمخالف، بل ربما القضاء عليه بالجملة، ولو عاش فإنه يعيش حياةً، الموت أفضل منها، فما معنى أن يُتهم الرجل المعروف منذ شبابه بالالتزام الإسلامي والذي قاد حركةً إسلاميةً قوية في بلاده والذي يستلهم الإسلام في أفكاره وتوجهاته، ويستشهد بالقرآن في كلماته، والمتزوج، ولديه ستة أبناء، ما معنى أن يُتهم صاحب الحادي والخمسين عاماً بالشذوذ والزنى معاً؟! أي أكثر مما اتُهِمَ به كلينتون!!

ويبدو أن فضيحة مونيكا هي التي أوحت لساسة ماليزيا بالفكرة وزادوا عليها ما يُكسبها المزيد من الإثارة حتى لا تكون تكراراً مملاً لمأساة واشنطن.

أما الشهود فقد كانوا جاهزين للإدلاء بشهادات تفصيلية.

أنور إبراهيم مُصرّ على المقاومة، وهو يطالب بمحاكمته حتى يتسنى له أن يكشف الأوراق التي بحوزته، والتي تتعلق بفساد عدد من بطانة رئيس الوزراء وبخاصة أقاربه، وعلى قدر تماسكه وإصراره، وعلى قدر تجاوب الرأي العام معه، بقدر ما يستطيع أن يحقق نجاحاً في مهمته سواء عاد إلى الحزب الحاكم أو بقي خارجه.

ولا ننس أن مهاتير نفسه سبق أن طُرِدَ من الحزب الحاكم عام 1969م إثر خلاف مع رئيس الوزراء السابق تنكو عبدالرحمن، ولكنه عاد وتولى رئاسة الوزارة.. فهل يُعيد التاريخ نفسه؟

No comments: