Sunday, April 1, 2007

وجوه الضحية متكررة.. وللسفاح وجه واحد!


إخوان أون لاين - 08/05/2004

بوش وشارون

ذرف بعض المسئولين الغربيين- وخاصة الأمريكيين والبريطانيين- دموع التماسيح على الإنسانية المعذَّبة في العراق، بعد تكشُّف فضيحة التعذيب والانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية التي مارسها جنود الاحتلال- رجالاً ونساءً- في العراق، ونظنها لا تزال مستمرة بشكل أو بآخر؛ ولكن كلمات الإدانة والتنديد والشعور بالصدمة أو القلق أو الانزعاج وغيرها من الكلمات التي قيلت لن تزيدنا إلا يقينًا بنفاق أولئك السياسيين الذين أدمنوا الكذب والدجل مثلما أدمنوا القتل والتخريب، وبث الفتن وإثارة الحروب?

فعمليات التعذيب البشعة والممارسات اللاأخلاقية لم تتم في الخفاء، ولم ينفرد جندي واحد أو اثنان بسجين أو أكثر ليصب عليه جام حقده وضغينته؛ ولكنها تعبِّر عن توجه عام وممارسة شائعة قام بها، ورآها ورضي بها العشرات بل المئات، إن لم يكن الآلاف من جنود الاحتلال وضباطهم? الفضيحة المخزية التي وقعت في سجن أبوغريب العراقي، صورها أفراد من الشرطة العسكرية الأمريكية العاملة في السجن، وقد حَصَل جندي أمريكي آخر على الصور من صديق له يعمل في السجن وأعطاها لرؤسائه.. ووفقاً لمحطة (سي بي إس) الأمريكية فإن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بدأت التحقيق في سوء معاملة العراقيين قبل نشر الصور بثلاثة أشهر، وحين سألت المحطة رئيس الأركان المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز عن تقرير سوء المعاملة قال: إنه لم ير التقرير، لأنه يأخذ طريقه في سلسلة القيادة منذ ثلاثة شهور؟! فهو إذن لا يهتم بهذا الأمر ولا يشغل به باله.

ووفقًا لصحيفة (لاريبوبليكا) الإيطالية، فإن الصور كانت لدى وزارة الدفاع الأمريكية منذ فترة وبعد أن حصلت عليها المحطة أرسلت فريقًا إلى سجن (أبوغريب) لإعداد تقرير بشأن الموضوع قبل أسبوعين من بث الصور؛ لكن "مايرز" نفسه طلب من إدارة المحطة تأجيل البث فوافقت المحطة، وحين ذاع خبر الصور لدى بعض وسائل الإعلام الأمريكية خشيت (سي بي إس) من أن تفقد السبق، فأبلغت البنتاجون بقرارها بث الصور فوافقت على أن تتيح لها فرصة الإدلاء بتعليق بشأن الموضوع.

العميدة "جانيس كابرينسكي" التي وُجهت التهمة إلى رجالها بالقيام بالتعذيب، حاولت أن تبرئ نفسها، فكشفت عن أن ضباط المخابرات العسكرية هم الذين شجعوا ووجهوا عمليات سوء المعاملة، وقالت لصحيفة نيويورك تايمز: إنها لم تعلم بالتعذيب إلا بعد.. (وماذا فعلت لوقفه؟ لا شيء!)، وقالت أيضًا لصحيفة واشنطن بوست: إن فريقًا من ضباط المخابرات وصلوا من معتقل جوانتانامو لتعليم (زملائهم في العراق) تقنيات الاستجواب"؛ أي تعليمهم كيفية استنطاق المعتقلين تحت التعذيب.

ونقلت مجلة (نيويوركر) عن تقرير سري للجيش الأمريكي، وضعه الجنرال أنطونيو تاجوبا في فبراير الماضي، أن العسكريين ضربوا المعتقلين بالمكانس والكراسي وألقوا عليهم مياهًا باردة وسائلاً فوسفوريًّا، وأنه أُذن للشرطة العسكرية بخياطة جروح معتقل دُفِع إلى الجدران، كما قام بعض عناصرها باغتصاب أحد المعتقلين.

ونشرت صحيفة جارديان البريطانية- نقلاً عن يوميات السيرجنت إيفان فريدريك، التي كتبها في يناير الماضي- أنه كان يُطلَب من الجنود إخضاع المعتقلين لأقصى حدٍّ ممكن من الضغط للحصول على معلومات منهم، وقام الجنود في نوفمبر الماضي بممارسة ضغط كبير على أحد المعتقلين حتى توفي، ونشرت صحيفة ميرور البريطانية صورًا لجندي بريطاني يبول على شخص عراقي تعرض للضرب، وألقي من شاحنة.

وكشف تلفاز (أي تي في) البريطاني عن أن عددًا من كبار الضباط البريطانيين كانوا على دراية بما قام به الجنود البريطانيون من ممارسات شائنة؛ لكنهم فضَّلوا الصمت؛ أي إن الأمر ليس مجرد إجراء قام به "حفنة من الجنود الصغار" حسب وصف حكومة توني بلير.

هذه الروايات المتواترة عن انتهاكات حقوق الإنسان العراقي، وما سبق أن ذكرناه من انتهاكات قبل أسبوعين لا يمثل سوى غيض من فيض، وقطرة من بحر العذاب والآلام الذي يغرق فيه الشعب العراقي، فكيف يمكن أن نقبل من المسئولين الأمريكيين والبريطانيين بعد ذلك زعمهم أنهم صُدموا بما حدث أو نقبل منهم تنديدًا أو إدانة؟ وأقل ما يُقال عنهم: إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.

وحتى مع افتراض عدم علم الرئيس بوش بوقائع التعذيب فقد كانت وزارة الدفاع والمخابرات الأمريكية على علمٍ تامٍّ بكل ما حدث، والأهم أن تلك السلوكيات المنحطة التي قام بها الجنود إنما تعبر عن نمط سلوكي سائد في تلك النفوس التي فقدت طريق الإيمان والارتباط بوحي السماء، فارتكست ومارست أفعالاً تخجل منها الحيوانات، فما حدث في العراق أو في أفغانستان أو في قاعدة جوانتانامو استمرار لما حدث في الحروب الصليبية وحرب إبادة الهنود الحمر في أمريكا ومحارق فيتنام المروعة، كما لا يختلف عما يتكرر بشكل يومي في فلسطين المحتلة على يد (رجل السلام المستحق للشكر حسب أوصاف الرئيس بوش) مجرم الحرب العتيد شارون وعصابته الصهيونية.

No comments: