Sunday, April 1, 2007

شرف الحرية الضائع بين البعث والتحالف


إخوان أون لاين - 24/04/2004

صدام حسين


كان صدام حسين مجرمًا عتيدًا ولا شك.. قَتَل وسَجَن وعذَّب وشرَّد الآلاف؛ بل عشرات الآلاف من الشعب العراقي، وعاونه على ذلك حزب البعث العراقي، وقد نال رضا واشنطن ودعمها لسنوات طويلة، حتى غيَّرت رأيَها وعزمت على الإطاحة به، وقدمت لذلك أسبابًا كان أهمها وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وانتهاك حقوق الإنسان العراقي.

أما السبب الأول فقد ظهر أنه غير حقيقي، واعترف الأمريكان والبريطانيون وغيرهم بأن هذا الادعاء لم يكن سوى كذبة قصد بها تبرير الغزو، وأما انتهاكات حقوق الإنسان فهي حقيقةٌ مارسها نظام صدام وحزبه؛ ولكن دعُونا نرى ماذا تفعل قوات "تحرير العراق"، التي جاءت لتحرير العراقيين من ظلم صدام.

بدأت عملية "التحرير" بالقصف العشوائي على المدن والأحياء السكنية، الذي قتل ألوفًا من المدنيين، ثم وقعت أحداث السلب والنهب والحرق والسرقة والاغتصاب؛ سواءٌ برضا قوات التحرير أو بغضها الطرف عن تلك الممارسات، منذ البداية لم تحمل قوات "التحرير" أي قدر من المودة تجاه العراقيين وبلدهم، فهم لا يجيدون سوى القصف والتدمير والقتل والتخريب، وكل ما يقع في أيديهم من مقدرات الشعب العراقي كانوا يقومون بتدميره لتعيد الشركات الأمريكية بناءَه من جديد وبأسعار مضاعفة، بدلاً من الحفاظ عليه لمصلحة العراقيين.

وحين اشتدَّت المقاومة العراقية للاحتلال تحوَّلت قوات "التحرير" إلى خَصم شرس هدفه تدمير إرادة العراقيين وإخضاعهم، وقد رأينا صور المعاملة المهينة للعراقيين، وإجبار الرجال على الانبطاح أرضًا، ووطء رءوسهم بأقدام الجنود الأمريكيين، ورأينا عمليات التفتيش الذاتي المهينة للنساء، واقتحام حرمة المنازل، والاعتقال الجماعي، والقتل بالهوية، وبسبب المعتقد والرأي، فقد قتلت القوات الأمريكية عراقيًّا رفض إزالة صورة لمقتدى الصدر من سيارته!!

وقبل أيام نشرت هذه الحادثة التي وقعت في الفلوجة: جندي المارينز الأمريكي "روبرت لونج" يقف في مكمن في منطقة فاصلة بين الجنود الأمريكيين والمقاومة العراقية، وقد رصدت المجموعة مواطنًا عراقيًا يسير واضعًا يديه في جيوبه بالقرب من المواقع الأمريكية، عندها طلب "روبرت لونج" من رجاله الابتعاد، فهو يريد أن ينفرد بقتل هذا العراقي، ودون أن يتحقق ممَّا إذا كان هذا الرجل مسلَّحًا أو يشكِّل تهديدًا.. صوَّب "لونج" بندقيته الآلية نحو ضحيته، وأطلق النار فوقع الرجلُ صريعًا بعد أن أصيب في مقتل، وصاح القاتل منتشيًا: "بليك.. إنه من أجلك.. آمل أن يكون هذا هو نفسه القذر الذي قتلك!"، و"بليك" هذا صديق للقاتل مات في العراق، فأراد أن يثأر له من أي عراقي تصل إليه بندقيته، كما نشرت صورة جندي أمريكي استغل جهل صبي عراقي باللغة الإنجليزية، وجعله يحمل لوحةً مكتوبًا عليها: "لقد قتل (هذا الجندي) والدي واغتصَب أختي".. والطفل المسكين يقف إلى جانب الجندي مبتسمًا، رافعًا إبهامه بعلامة الرضا.

وقال مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية: إنه تلقَّى رسالةً من جندي أمريكي عاد من العراق قال فيها: إن أحد الضباط الكبار بالجيش الأمريكي في العراق دخل في علاقات غير لائقة مع فتيات عراقيات صغيرات في السنِّ، وإنه فرض على زعماء عراقيين محليين إمداده بفتيات عراقيات في مقابل حماية الجنود الأمريكيين لهم.

وفي حوار مع مراسل صحيفة (لوماتينيه) الفرنسية، قال جيمي ماسي- أحد ضباط المارينز السابقين في العراق، الذي قرر ترك العمل العسكري، وعاد إلى ولاية كارولينا الأمريكية-: "خلال شهر واحد قمت أنا وفرقتي بقتل نحو30 مدنيًّا عراقيًّا، خلال مهمتنا التي كُلِّفنا بها في محاصرة القرى، وإحكام الرقابة على نقاط التفتيش ببغداد".

وحول أسباب اعترافه بارتكاب انتهاكات في العراق، قال جيمي: "أشعر بالخجل مما ارتكبته في العراق"، مشيرًا إلى أن مشاهد الدماء والقتلى من المدنيين العراقيين تلاحقه كلما حاول الإخلاد إلى النوم، وأضاف: "كنا لا نتردَّد أبدًا في إطلاق الرصاص الحي على أي سيارة تمر من نقطة التفتيش دون توقف.

كما فرَّ جنديان أمريكيان مؤخرًا إلى كندا، وطلبا حق اللجوء السياسي؛ لرفضهما الانضمام للقوات الأمريكية في العراق، برغم أن ذلك يعرِّضهما لعقوبة الإعدام، مشدِّدين على أن الجيش الأمريكي ينتهِك القانون الدولي وحقوق الإنسان في العراق، وهو ما لا يمكنهما قبوله أو القيام به.

وأوضحت صحيفة (الجارديان) البريطانية أن أحد الجنود هو "براندون هوجي"- 18 عامًا- انضم إلى الجيش قبل نحو عام، وفرَّ إلى كندا قبل ساعات من موعد إبحاره المقرَّر إلى العراق، أما الثاني فهو "جيميري هنزمان"- 25عامًا- وقد انضمَّ إلى الجيش الأمريكي في يناير عام 2002م، ووجد أن التدريب الأساسي في الجيش يتركَّز على القتل؛ مما دفعه إلى تقديم طلب بإعفائه من الخدمة لأسباب أخلاقية؛ لكن طلبه رُفِض، فاضطُّر للفرار إلى كندا.

ويومًا بعد يوم ترتكب قوات "التحرير" المزيد من الجرائم، وقد رأينا كيف قتلت المئات في الفلوجة؛ انتقامًا لمقتل أربعة أمريكيين والتمثيل بجثثهم، (نرفض بالطبع التمثيل بالجثث)، وإن كان البعض منها يتم الكشف عنه.. فإن الكثير يظل خافيًا؛ بسبب الرقابة العسكرية أو غياب المهتمين برصد تلك الانتهاكات أو موت الضحايا وتكتم القتلة وزملائهم.

وقد تصاعدت مطالب منظمات حقوقية أمريكية بإجراء تحقيق في المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مدينة الفلوجة، فقد طالبت منظمة (هيومان رايتس ووتش) الأمريكية بإجراء تحقيق جاد فيما تلقَّته من تقارير عن قتل نساء وأطفال ومدنيين عزل.. وأعربت المنظمة عن قلقها من الاستخدام المفرط للقوة من قِبَل قوات الاحتلال ضد المدنيين.

فإذا كانت تلك ممارسات قوات "التحرير".. فما الفرق بينها وبين ممارسات نظام صدام؟! وأين الوعود الخادعة التي حاولت بها إيهام العراقيين بحياة هنيئة لا يعيشها الأمريكيون أنفسهم؟!

No comments: