Tuesday, April 24, 2007

بـذور الـشــك

بقلم : أحمــد عـز الديـن

أثناء إحدى جلسات المحاكمة العسكرية للقيادات النقابية الإسلامية المصرية قال أحد ضباط الأمن ممن قدمتهم وزارة الداخلية في القضية باعتبارهم شهود إثبات، قال: إن هناك شخصاً ضمن المتهمين متعاون مع الأمن، وأنه قد تم عن طريقه إدخال آلات التسجيل السرية لتسجيل الحوار الدائر بين المجتمعين، وقد طلب القاضي العسكري ـ بناء على طلب الدفاع ـ من الضابط الإفصاح عن اسم الشخص، فوعد بذلك بعد استئذان قيادته في الشرطة.

ومن الأساليب المعروفة في الشرطة والمخابرات، بل وعند بعض الجماعات والأحزاب أنها تسعى لزرع عيون عند الآخرين لتعرف ما يدور خلف الغرف المغلقة، وتستعد لما يمكن أن يُحاك لها.

وقد استطاع اليهود على سبيل المثال على مدار التاريخ زرع جواسيس لهم في بلاطات حكام أوروبا، بل وفي بعض الدول العربية، وقصة إيلي كوهين في سورية معروفة.. بل وفي مصر فإن شخصية تحتل موقعاً بارزاً في السلطة منذ سنوات، معروف صلاته الوثيقة بإسرائيل. ويقول أحد المصادر إن وثائق مهمة تم اكتشافها تدين تلك الشخصية، وحين قدمت لجهات أعلى، كان التعليق: نحن نعرف صلات هذا الشخص بإسرائيل، ولو ذهب فلربما أتوا بمتعاون آخر لا نعرفه!.

وفي الآونة الأخيرة، كان مجال الأبحاث المشتركة والمنح الثقافية والتعليمية والعلمية باباً واسعاً لاصطياد العديد من العملاء للولايات المتحدة ودول أوروبا على وجه الخصوص، وحيث إن هذا الباب مرَّ منه الآلاف، فلا يستبعد أن يكون بعضهم قد سقط في هاوية العمالة، ولكنا لم نسمع أن السلطات المصرية ألقت القبض على أحد منهم، وربما أصبح أمر التعاون مع الأجنبي مباحاً في ظل تغير منظومة القيم التي تحكم المجتمع.

وفي المقابل، تسعى الأجهزة المصرية أيضاً لأن يكون لها عيون سواء على مستوى الحكومات أو الجماعات، ويُقال: إن أزمة صامتة شهدتها العلاقة الثنائية بين مصر وإحدى الدول العربية المشرقية الصغيرة سببها اكتشاف تلك الأخيرة تسرب معلومات مهمة عبر العيون المصرية في أجهزتها، الأمر الذي دعاها للتخلص منهم، وعلى مستوى الجماعات، فإن أجهزة الأمن المصرية تفخر بأنها استطاعت اختراق بعض الجماعات خاصة الإسلامية.

ويكون اختراق الجماعات ـ بصفة عامة ـ بهدف تحقيق أحد أمرين، الأول: توجيه الجماعة نحو نشاطات توافق أفكار الجماعة وتحقق في الوقت نفسه أهداف الأجهزة الأمنية، وهذا ما يمكن أن ينطبق على حالة «حزب الله» في تركيا مثلاً الذي تجرى التحقيقات حول علاقته بالحكومة التركية وخاصة في عهد رئيسة الوزراء تانسو تشيللر، وحيث اتضح أن محافظة باطمان التركية استوردت سلاحاً بطريقة ملتوية يعتقد أن أكثره ذهب لحزب الله الذي سُمِّي بهذا الاسم زوراً لتحقيق غرض آخر هو تشويه العمل الإسلامي حين يتم اكتشاف أمره.

كما لا يستغرب أن يكون للموساد الإسرائيلي دور في تمويل جماعات أخرى في الدول العربية والإسلامية يكون هدفها إذكاء الفتنة ودفع الشباب نحو العنف أو تخريب عقول المسلمين وبث أفكار منحرفة لاتوافق ما اتفق عليه جمهور المسلمين.

وفي هذه الحالة تكون الأجهزة الأمنية المعنية مسؤولة مباشرة، بل مشاركة فيما يتم من أعمال بصرف النظر عن الأشخاص التي كانت ظاهرة على السطح.

أما الأمر الثاني الذي تسعى الأجهزة الأمنية إلى تحقيقه من خلال الاختراق فهو جمع المعلومات أو الإيقاع بالبعض وهذا ما يعود بنا إلى ما بدأنا به عن حالة الإخوان المسلمين في مصر.

وليس بخاف أن الأجهزة الأمنية في مصر حاولت مراراً الضغط على كثير من الشباب الذين يتم القبض عليهم بمختلف أنواع الضغط المعروفة وغير المعروفة، من أجل التعاون مع الأمن. ولكن ما يؤكده الإخوان المسلمون وتثبته الأحداث أن هذه المحاولات لم تنجح معهم على الإطلاق، وإن نجحت مع غيرهم.

وقد يضعف البعض وقد لايحتمل الضغوط، ولكن ما تؤكده مصادر الإخوان أن هذه الحالات القليلة لم تكن تتجاوز أن يتنحى «الأخ» جانباً، مؤثراً ذلك على أن يكون عيناً على إخوانه.

أما لماذا تصر الأجهزة الأمنية على التلويح بقضية المصدر السري والمتعاونين داخل الجماعة خاصة المتهمين في القضايا، فلا يخفى ما يحمله ذلك من محاولة التشكيك في نزاهة الأشخاص وزرع بذور الشك بينهم خاصة في حالات السجن والاعتقال والمحاكمات العسكرية وتسريب الأخبار بأن الأحكام المقبلة ستكون قاسية.

أما السلاح الذي يحمي من ذلك كله فهو في قول الله تعالى: {لّوًلا إذً سّمٌعًتٍمٍوهٍ ظّنَّ پًمٍؤًمٌنٍونّ $ّالًمٍؤًمٌنّاتٍ بٌأّنفٍسٌهٌمً خّيًرْا $ّقّالٍوا هّذّا إفًكِ مٍَبٌينِ<12>} (النور).

وقد مر الإخوان المسلمون في محنهم المتعددة بما هو أشد من ذلك، ولكنهم خرجوا منها بفضل الله ورحمته أوثق استمساكاً بدعوتهم وأشد ترابطاً فيما بينهم وأكثر ثقة في بعضهم البعض.<

No comments: