Wednesday, April 9, 2008

زهور في البستان



أحمد عز الدين

بقلم: د. أمير بسام

أحمد عز الدين

انزلاق غضروفي أصابه مع دخوله السجن هذه المرة منعه من مخالطة إخوانه وحدَّ من حركته، وكانت الزنازين مغلقةً في بداية الحبس؛ لا يسمح بالاختلاط بيننا، وبمرور الأيام حالت أيضًا حالته الصحية وكثرة قراءاته دون مزيد من الاختلاط معه.

أقبلت عليه ذات يوم وهو يقرأ في الصحف فقلت له: "يا أستاذ أحمد.. أنت- إن شاء الله- محمود في الأرض والسماء، وأحمد عز الدين يعز الله بك الإسلام"، فقال لي ضاحكًا: "أكمل بقية الاسم" قلت: "لا أعرف"، قال: "الغول لقب العائلة"، وكانت طرفةً منه.

وكلما ازددت مخالطةً به وجالستُه شعرتُ أنني أمام رجل فريد من نوعه؛ فالأستاذ أحمد عز الدين الصحفي اللامع مميَّز بصلابته في الحق، ليس كبعض الصحفيين؛ يميِّع المواقف ويساير الأهواء، بل هو صاحب مواقف جادة وصارمة حين يرى في ذلك الحق.

لقد تعرَّضت أسرته- وهو صغير- للإيذاء بسبب صلة النسب التي كانت تجمعهم بأحد شباب الإخوان، وقد ناله شيء من لظى هذا الأذى في عام 1965؛ حيث اعتقل المهندس فاروق المنشاوي، وهو أحد أقربائه، وقد ظل الأستاذ فاروق في السجن حتى تم تدبير مؤامرة لقتله سنة 1971م، فزاده هذا الموقف آنذاك تمسُّكًا بالحق واستعدادًا للتضحية من أجله.

أ. أحمد عز الدين قارئ من الطراز الأول؛ لا تقع عيناه على ورقة إلا قرأها، ثم هو يتميز بذاكرة حديدية، فاجتمعت لديه مقومات المثقف المتميز؛ من سعة اطلاع وحسن فهم وقوة ذاكرة، أضف إلى ذلك تمكنه من اللغة العربية، وقد صرَّح لي م. ممدوح الحسيني زميلنا في الحبسة أنه تعرَّف على أ. أحمد من مقالاته في موقع الإخوان وأعجب بتحليلاته السياسية قبل أن يتعرَّف عليه شخصيًّا.

عندما أطرح عليه موضوعات عديدة في مختلف الأمور السياسية والثقافية أجده في كل موضوع يعرف أبعاده، ملمًّا بما كُتب فيه، وله نظرة ثاقبة وتعليق مفيد.

يتميَّز أ. أحمد عز الدين بأنه رجل عملي؛ يميل دائمًا إلى الجهد والقيام بعمل نافع لإخوانه، فتجده يتطوَّع دومًا لتجهيز شيء من الطعام لإخوانه أو توزيع التعيين- بلغة السجن- أو القيام بترتيب المخزون، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على حبه للنشاط والعمل.

ومما يملأ القلب احترامًا لهذا الرجل ورعُه وكثرة عبادته؛ فهو وقَّاف عند الحلال والحرام، وبعيد عن الشبهات، ناهيك عن الورع والنصح لمن حوله، وهو صوَّام قوَّام، كثير القراءة في المصحف.

وشهرة أ. أحمد عز الدين الصحفية تعدَّت حدود مصر، ولا أقول هذا من باب المبالغة، بل إن له تاريخًا إعلاميًّا مباشرًا سواءٌ في المجلات التي كتب فيها أو الأعمال التي تولاها أو الشخصيات التي تواصل معها، والتي شملت رؤساء دول وشخصيات ذات مناصب سيادية، فضلاً عن رئاسته لتحرير عدد من الصحف والمجلات، وله رؤية ثقافية وإعلامية شاملة؛ فهو يعلم مواطن الفساد، وكيف يتم تطهيرها؟ ويعرف أين الخلل وكيفية إصلاحه؟، وهو أحد مرشحي التيار الإسلامي في نقابة الصحفيين في الدورة الحالية، وقد نال حكمًا بأحقيته في الترشح ولم ينفَّذ الحكم طبعًا في دولةٍ تحترم القضاء!!، ومع ذلك فقد حصل على أصوات كثيرة رغم أنه مُنع من الترشح، ولكن أراد بعض الأحرار إعلان تضامنهم مع زميل شريف يصدع بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم.

ولي سؤال في نهاية المقال: هل وجود أ. أحمد عز الدين في السجن دليل على حرية الصحافة؟!.. أترك له الإجابة

No comments: